Wednesday, 5 May 2010

الفردية الدامغة والزوجية البالغة

الفردية الدامغة والزوجية البالغة


الحمد لله كما ينبغي له أن يحمد, و صلاةً و سلاماً علي نبيه أحمد, اللهم صل عليه و علي اّله الشرفاء, و علي إخوانه الأنبياء, و علي أزواجه ذوات الطهر و النقاء, و علي صحابته الأتقياء النجباء, و علي من اهتدي بهديه و سار علي نهجه إلي يوم اللقاء و بعد: فهذا بحث يحمل عنوان (الفردية الدامغة و الزوجية البالغة) و يتناول الزوجية و الفردية في القرءان من منظور علمي جديد. فإن كان هناك إحسان فمن الله و إن كان هناك تقصير فمن نفسي, وأبدأ بحول الله و قوته فأقول إن الله عز وجل يقول في محكم التنزيل:

"وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ* وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ*" (الذاريات49, 50, 51).

و يقول تعالى:

"فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" (الشوري 11).

و يقول تعالى:

"مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (المائدة 75)

و الإعجاز في هذه الآيات أن كل ما دون الله فهو زوج والله هو الفرد ولا فرد سواه فهو سبحانه ليس كمثله شيء في هذه الفردية. فلا يليق بصاحب الفكر السليم السوي أن يعبد الزوج و لا يعبد الفرد.

أقوال اللغويين:

كلمة زوج من لسان العرب للعلامة بن المنظور:

زوج: الزَّوْجُ: خلاف الفَرْدِ. يقال: زَوْجٌ أَو فَرْدٌ، كما يقال شَفْعٌ أَو وِتْرٌ . وقال تعالى: وأَنبتنا فيها من كل زوجٍ بَهيج؛ وكل واحد منهما أَيضاً يسمى زَوْجاً، ويقال: هما زَوْجان للاثنين وهما زَوْجٌ، كما يقال: هما سِيَّانِ وهما سَواءٌ؛ ابن سيده:الزَّوْجُ الفَرْدُ الذي له قَرِينٌ. والزوج: الاثنان. وعنده زَوْجَا نِعالٍ وزوجا حمام؛ يعني ذكرين أَو أُنثيين، وقيل: يعني ذكراً وأُنثى. ولا يقال: زوج حمام لأَن الزوج هنا هو الفرد، وقد أُولعت به العامة. قال أَبو بكر: العامة تخطئ فتظن أَن الزوج اثنان، وليس ذلك من مذاهب العرب، إِذ كانوا لا يتكلمون بالزَّوْجِ مُوَحَّداً في مثل قولهم زَوْجُ حَمامٍ، ولكنهم يثنونه فيقولون: عندي زوجان من الحمام، يعنون ذكراً وأُنثى، وعندي زوجان من الخفاف يعنون اليمين والشمال، ويوقعون الزوجين على الجنسين المختلفين نحو الأَسود والأَبيض والحلو والحامض. قال ابن سيده: ويدل على أَن الزوجين في كلام العرب اثنان قول الله عز وجل: وأَنه خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنثى؛ فكل واحد منهما كما ترى زوج، ذكراً كان أَو أُنثى

- كلمة فرد من لسان العرب للعلامة بن المنظور:

فرد: الله تعالى وتقدس هو الفَرْدُ، وقد تَفَرَّدَ بالأَمر دون خلقه.. والفرد:الوتر، والجمع أَفراد وفُرادَى، على غير قياس، كأَنه جمع فَرْدانَ. ابن سيده: الفَرْدُ نصف الزَّوْج، والفرد أَيضاً: الذي لا نظير له، والجمع أَفراد. يقال: شيء فَرْدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ وفُرُدٌ وفارِدٌ..

أقوال المفسرين:

أولاً: في قوله تعالى

*"وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" * (الذاريات 49, 50, 51).

"ومن كل شيء خلقنا زوجين" أي جميع المخلوقات أزواج سماء وأرض وليل ونهار وشمس وقمر وبر وبحر وضياء وظلام وإيمان وكفر وموت وحياة وشقاء وسعادة وجنة ونار حتى الحيوانات والنباتات ولهذا قال تعالى"لعلكم تذكرون" أي لتعلموا أن الخالق واحد لا شريك له(ابن كثير). "ومن كل شيء خلقنا زوجين" لتعلموا أن خالق الأزواج فرد، فلا يقدر في صفته حركة ولا سكون، ولا ضياء ولا ظلام، ولا قعود ولا قيام، ولا ابتداء ولا انتهاء؛ إذ عز وجل وتر"ليس كمثله شيء" [الشورى: 11]. (القرطبي). (ومن كل شيء) متعلق بقوله خلقنا(خلقنا زوجين) صنفين كالذكر والأنثى والسماء والأرض والشمس والقمر والسهل والجبل والصيف والشتاء والحلو والحامض والنور والظلمة (لعلكم تذكرون) بحذف إحدى التاءين في الأصل فتعلموا أن خالق الأزواج فرد فتعبدوه(الجلالين).

عن مجاهد{والشفع والوتر} قال: الوتر: الله، وما خلق الله من شيء فهو شفع.وقال آخرون: عني بذلك الخلق، وذلك أن الخلق كله شفع ووتر. و ذكر أن الحسن قال في قوله:{من كل شيء خلقنا زوجين} [الذاريات: 49] السماء زوج، والأرض زوج، والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج، حتى يصير الأمر إلى الله الفرد الذي لا يشبهه شيء(الطبري).

"ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين" أي الجئوا إليه واعتمدوا في أموركم عليه"إني لكم منه نذير مبين". (ابن كثير).

قوله تعالى:"ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين" أي فروا من معاصيه إلى طاعته. وقال الحسين بن الفضل: احترزوا من كل شيء دون الله فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه. وقال سهل بن عبدالله: فروا مما سوى الله إلى الله. "إني لكم منه نذير مبين" أي أنذركم عقابه على الكفر والمعصية. (القرطبي).

(ففروا إلى الله) أي إلى ثوابه من عقابه بأن تطيعوه ولا تعصوه(إني لكم منه نذير مبين) بين الانذار(الجلالين).

ثانياً: في قوله تعالى

"فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" (الشوري 11).

"جعل لكم من أنفسكم أزواجا"أي من جنسكم وشكلكم منة عليكم وتفضلا جعل من جنسكم ذكرا وأنثى "ومن الأنعام أزواجا" أي وخلق لكم من الأنعام ثمانية أزواج وقوله تبارك وتعالى"يذرؤكم فيه" أي يخلقكم فيه أي في ذلك الخلق على هذه الصفة لا يزال يذرؤكم فيه ذكورا وإناثا خلقا من بعد "ليس كمثله شيء" أي ليس كخالق الأزواج كلها شيء لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له"وهو السميع البصير". (ابن كثير). "جعل لكم من أنفسكم أزواجا" قيل معناه إناثا. وإنما قال:"من أنفسكم" لأنه خلق حواء من ضلع آدم. وقال مجاهد: نسلا بعد نسل."ومن الأنعام أزواجا" يعني الثمانية التي ذكرها في"الأنعام" ذكور الإبل والبقر والضأن والمعز وإناثها."يذرؤكم فيه" أي يخلقكم وينشئكم"فيه" أي في الرحم. وقيل: في البطن. والذي يعتقد في هذا الباب أن الله جل اسمه في عظمته وكبريائه وملكوته وحسنى أسمائه وعليّ صفاته، لا يشبه شيئا من مخلوقاته ولا يشبه به، وإنما جاء مما أطلقه الشرع على الخالق والمخلوق، فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي؛ إذ صفات القديم جل وعز بخلاف صفات المخلوق؛ إذ صفاتهم لا تنفك عن الأغراض والأعراض، وهو تعالى منزه عن ذلك؛ وكفى في هذا قوله الحق:"ليس كمثله شيء". وقد قال بعض العلماء المحققين: التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات ولا معطلة من الصفات. وزاد الواسطي رحمه الله بيانا فقال: ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة إلا من جهة موافقة اللفظ؛ وجلت الذات القديمة أن يكون لها صفة حديثة؛ كما استحال أن يكون للذات المحدثة صفة قديمة. (القرطبي).

(جعل لكم من أنفسكم أزواجا) حيث خلق حواء من ضلع آدم(ومن الأنعام أزواجا) ذكورا وإناثا(يذرؤكم) بالمعجمة يخلقكم(فيه) في الجعل المذكور أي يكثركم بسببه بالتوالد والضمير للأناسي والأنعام بالتغليب(ليس كمثله شيء) الكاف زائدة لأنه تعالى لا مثل له(وهو السميع) لما يقال(البصير) لما يفعل (الجلالين).

ثالثاً: قوله تعالى

"مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (المائدة75 )

و قوله تعالى" كانا يأكلان الطعام" أي يحتاجان إلى التغذية به وإلى خروجه منهما فهما عبدان كسائر الناس وليسا بإلهين كما زعمت فرق ثم قال تعالى" انظر كيف نبين لهم الآيات" أي نوضحها ونظهرها " ثم انظر أني يؤفكون" أي ثم انظر بعد هذا البيان والوضوح والجلاء أين يذهبون وبأي قول يتمسكون وإلى أي مذهب من الضلال يذهبون. (ابن كثير).

قوله تعالى: "كانا يأكلان الطعام" أي أنه مولود مربوب، ومن ولدته النساء وكان يأكل الطعام مخلوق محدث كسائر المخلوقين؛ ولم يدفع هذا أحد منهم، فمتى يصلح المربوب لأن يكون ربا؟! وقولهم: كان يأكل بناسوته لا بلاهوته فهذا منهم مصير إلى الاختلاط، ولا يتصور اختلاط إله بغير إله، ولو جاز اختلاط القديم بالمحدث لجاز أن يصير القديم محدثا، ولو صح هذا في حق عيسى لصح في حق غيره حتى يقال: اللاهوت مخالط لكل محدث. وقال بعض المفسرين في قوله: "كانا يأكلان الطعام" إنه كناية عن الغائط والبول. وفى هذا دلالة على أنهما بشران. (القرطبي).

"كانا يأكلان الطعام"كغيرهما من الناس ومن كان كذلك لا يكون إلها لتركيبه وضعفه وما ينشأ من البول والغائط (انظر) متعجبا (كيف نبين لهم الآيات) على وحدانيتنا (ثم انظر أنى) كيف (يؤفكون) يصرفون عن الحق مع قيام البرهان (الجلالين).

والاية التي تلي هذه الاية مباشرةهي قوله تعالى: "قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم" زيادة في البيان وإقامة حجة عليهم؛ أي أنتم مقرون أن عيسى كان جنينا في بطن أمه، لا يملك لأحد ضرا ولا نفعا، وإذ أقررتم أن عيسى كان في حال من الأحوال لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم ولا ينفع ولا يضر، فكيف اتخذتموه إلها؟. "والله هو السميع العليم" أي لم يزل سميعا عليما يملك الضر والنفع. ومن كانت هذه صفته فهو الإله على الحقيقة. والله أعلم (القرطبي).

الشواهد العلمي

إكتشف طومسون وجود الإلكترون في عام 1897 ، و اكتشف رذرفورد البروتون في عام 1919 وفي عام 1932م أكتشف شادويك النيوترون، و بعد هذه الاكتشافات الثلاثة بدا للعلماء أن المادة وصلت إلى صورتها النهائية، ولا يمكن تبسيطها إلي وحدات أبسط ، فالمركبات تتكون من عناصر والعناصر تتركب من ذرات ، والذرات تتركب من نواة ( نيوترونات و بروتونات ) و إلكترونات تلّف حولها. و عادة منهجية بساطة المادة حينما أعتقد الكّل أن المادة عبارة عن ثلاث جسيمات ولا أكثر، أو أن هذا ما كان سائداً.و تختلف العناصر باختلاف جسيماتها ، فالهيدروجين مثلاً مصنوع من بروتون واحد و إلكترون واحد (وهذا تركيب أشهر نظائر الهيدروجين ) ويعد أبسط العناصر. و ذرة الأكسجين مثلاً يتركب من ثمانية بروتونات وثمانية نيوترونات و ثمانية إلكترونات. وذرة اليوارنيوم تتركب من نواة تحوي : 92 بروتون و 146 نيوترون. وبالطبع تتساوى البروتونات والإلكترونات في العدد ( ليتحقق تعادل الشحنة ) وبهذا فإن الإلكترونات عددها 92 إلكتروناً.في سنة 1932 م ، أي سنة اكتشاف شادويك للنيوترونات أكتشف كارل أندرسونanti-electron أو مضاد الإلكترون وسماه "بوزيترون" و يختلف البوزيترون ( والمشتق من كلمة- Positive - أي موجب ) عن الإلكترونفي كونه موجباً أما شحنة الإلكترون فهي سالبة.و عندما نذكر البوزيترون يجب أن نذكر أنه لا يمكن أن يبقى البوزيترون موجوداً في بيئة عادية إذ أنه لا يلبث أن يصطدم بأحد الإلكترونات في الجو ، وباصطدام إلكترون ببوزيترون نحصل على أشعة جاما.

صورة لإلكترون تم تصويره بالمجهر الإلكتروني

تحويل الفوتون إلى جسيم Pair Production

بما أن الفوتون ليس له شحنة فإن الجسيم الناتج يجب أن يتكون من زوج من الجسيمات مختلفة الشحنة حتى نحافظ على الشحنة.. أي أنه لا يمكن تحويل الفوتون إلى إلكترون مفرد ولكن توليد الكترونيين أحدهما سالب والآخر موجب ويسمى البوزيترون positron وذلك للحفاظ على الشحنة الكلية وهذه العملية تسمى electron pair production.أقل طاقة يمكن أن يمتلكها الفوتون ليتحول إلى إلكترون وبوزيترون يجب أن تساوي طاقة تكوين كلا من الجسيمين وذلك للحفاظ على الطاقة.

h= 2mc2 . إذا كان الفوتون يحمل طاقة اكبر من طاقة تكوين زوج الجسيمات,فإن الطاقة الإضافية ستظهر على شكل طاقة حركة للجسيمان.

شرح وجه الاعجاز

تنبغي الإشارة إلى أن جميع المواد المعروفة في عالمنا مؤلفة من عناصر والعناصر تتكون من ذرات مكونة من جزئيات صغيرة وكثيفة تشمل البروتون والنوترون وتحيط بها الالكترونات الأقل وزنا بكثير. ولذرة الهيدروجين وهي الأبسط، إلكترون واحد يدور حول الجسم الذي لا يشمل الا بروتون واحد.
وفي بعض التفاعلات النووية والعمليات المشعة، ينتج جزيء يكون له نفس وزن وخصائص
الإلكترون، على سبيل المثال، لكن مع شحنة كهربائية موجبة عوضا عن الشحنة السالبة التي يتميز بها الالكترون العادي، ويسمى الجزيئ المضاد بوزيترون
. إذن مادام الشيء دخل فيه عنصر فيصبح هذا الشيء – مهما بلغ- زوجا لأنه حوي داخله إلكترون و بوزيترون.

كان أول اكتشاف للبوزيترون في عام 1932 من قبل الدكتور كارل اندرسون

العوالم التي خلقها الله سبحانه هي عالم الإنس و عالم الجن و عالم الملائكة وعالم الحيوان وعالم النبات و عالم الجماد و لا يخرج شيء من مخلوقات الله, فيما نعلم, عن هذه العوالم. وأي مكون من مكونات هذه العوالم مادام قد دخل فيه عنصر فهو زوج. فمثلاً الإنسان و الحيوان تدخل فيهما عناصر عن طريق الطعام؛ والنبات تدخله العناصر عن طريق الامتصاص من التربة, و الجماد مهما كان (هواء, معدن, خشب.........إلخ) فهو يتكون من عناصر وكل عنصر كما نعرف يتكون من ذرات وكل ذرة تحتوي علي عدد متساو من إلكترونات سالبة و بوزيترونات موجبة, والإلكترون و البوزيترون جسيمان متساويان في الكتلة و متضادان في الشحنة كما بينا سابقاً. إذن يستحيل أن يعتبر الواحد من الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الجماد فردا بل زوج بكل تأكيد. أما عالم الملائكة فهم مخلوقون من نور, وقد ورد في الصحيح:"خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" (رواه مسلم وأحمد عن عائشة رضي الله عنها)، والنور كما نعرف فهو ضوء و الضوء يتكون من فوتونات و بالرغم من أن الفوتونات غير مشحونة إلا أنه عندما يفني الفوتون ويتلاشي فإنه يتحول إلي إلكترون و بوزيترون؛ و الملائكة ليسوا مخلدين فإنهم سيموتون و يفنون "وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (القصص 88). حتي إن ملك الموت سيأمره الله تعالى بأن يقبض نفسه فيمتثل لأمر الله. وبذلك تنطبق الزوجية علي عالم الملائكة أيضاً. أما عالم الجن فخلقوا من مارج من نار "وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ" (الرحمن 15) و النار تنتج من إحتراق عناصر فهذا العالم الجني تنطبق عليه الزوجية أيضاً لأنه دخله عناصر هذا بالإضافة الي أن الجن يأكلون الطعام. عن أبي هريرة رضي الله عنه:أنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها، فقال: (من هذا). فقال: أنا أبو هريرة، فقال:(ابغني أحجارا أستنفض بها، ولا تأتيني بعظم ولا بروثة). فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي، حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت، فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال:(هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين، ونعم الجن، فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما).رواه البخاري.

الله جلت ذاته و صفاته هو الواحد الأحد الفرد الصمد (الذي لاجوف له) , الذي لم يدخل فيه شيء و لم ينفصل عنه شيء. أي لم يدخل فيه سبحانه عناصر, إذن فالله هو الفرد وما دون الله فهو زوج و لذلك سبحانه و تعالى لا يشاركه في الفردية أحد وبذلك يكون سبحانه و تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. و أنا أري – مع كامل تقديري لما قاله المفسرون - أنه سبحانه و تعالى ليس كمثله شيء في هذه الفردية حيث وضحنا أن مادون الله فهو زوج وليس كما قال المفسرون السابقون بأنه سبحانه ليس كمثله شيء بمعني أنه ليس كذاته ذات و لا كصفاته صفات, نعم أنا أقول أنه سبحانه ليس كذاته ذات ولا كصفاته صفات ولكن بالنسبة للصفات فالله يسمع وأنت تسمع, أي نعم إن سمعك ولا شك لن يكون كسمع الله ولكن هناك اشتراك في الصفه حتى وإن كان الفارق لا يقارن و لكن الاشتراك في الصفة موجود, وكذلك صفة العلم حيث يقرر سبحانه بنفسه في القرءان الكريم"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا" (الإسراء85) فالله عليم والإنسان أعطاه الله بعض العلم, و إن كانت هذه الصفات جميعها هي من عطاء الله, ولكن هناك اشتراك في هذه الصفات بين الله تعالى و بين مخلوقاته. و تظل الصفة الوحيدة في كونه سبحانه ليس كمثله شيء ولا يشاركه فيها أحد من خلقه هي أنه الفرد وما دونه فهو زوج. ولذلك يأتي مباشرة بعد اّية "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون" (الذاريات 49) اّية "ففروا إلي الله إني لكم منه نذير مبين" (الذاريات 50) نعم فهذا غاية التناسق و الانسجام القرءاّني, نعم يجب أن نفر إلي الفرد ولا نعبد الزوج. فكيف بالله يعبد الزوج من دون الله الفرد. ولذلك هنا تأتي آية في منتهي البلاغة حينما أخبر الله سبحانه و تعالى عن السيد المسيح وأمه عليهما السلام "ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون" (المائدة 75). إذن فالقرءان عبر عن السيد المسيح بتعبير غاية في الدقة و الإقناع بأن المسيح كان يأكل الطعام ومادام كذلك فهو قد دخل فيه عناصر و العناصر تتكون من ذرات والذرات بها عدد متساو من الإلكترونات سالبة و البوزيترونات موجبة, و بالتالي يكون السيد المسيح زوج وليس فرد فكيف يقبل الإنسان علي نفسه أن يعبد الزوج. و هذه قضية منطقية علمية لا تحتاج إلي كون الإنسان معتنقاً ديانة معينة كي يقتنع بها فهي تخضع للعقل و المنطق, و إلا سيصبح الإنسان ,إذا عبد الزوج, قد ألغي عقله و منطقه و علمه. و ما ينطبق علي من يعبدون السيد المسيح في هذا الصدد فإنه ينطبق علي من يعبدون البقر أو النار أو من يعبدون أشخاصاً يعظمونهم أو من يعبدون الملائكة أو من يعبدون الجن فكل هؤلاء أثبتنا في حقهم الزوجية. إذن وبلا شك أن الله ليس كمثله شيء في كونه فرد و ما دونه فهو زوج. ولذلك يأتي قول الله سبحانه " لعلكم تذكرون" وجملة لعلكم تذكرون هنا جاءت في موضعها, نعم لكي نتذكر دائماً أن مادون الله فهو زوج.

هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة قبل أربعة عشر قرناً, و لم يعرف الكثير منها إلا في القرن الماضي و القرن الحالي ولكن الدراسات العلمية الحديثة كشفت الكثير من الحقائق الناصعة التي تبين بكل وضوح و جلاء الإعجاز العلمي في الآيات البينات التي توضح أن الله سبحانه وتعالى خلق من كل شيء زوجين اثنين, و يظل سبحانه وتعالى الفرد وحده لا شريك له في الفردية, فسبحان الله القائل "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (فصلت 53).


No comments:

Post a Comment