Tuesday 11 May 2010

فرتونة المصرية وعظمة الحضارة الإسلامية

فرتونة المصرية وعظمة الحضارة الإسلامية

مازلنا نقلب صفحات تاريخ الحضارة الإسلامية لنبين للمرجفين والمشككين بالأدلة والبراهين العلمية على عظمة الحضارة الإسلامية، وأنها حضارة علمية مادية يحترم فيها الإنسان والحيوان والنبات والجماد في اتزان عجيب فهذه رسالة من أمة مصرية سوداء أرسلت بها إلى والي المسلمين وأميرهم تشتكي فيها سرقة دجاجها فيهرع خليفة المسلمين إلى نجدتها وحماية دجاجها، فقد كتبت إليه مولاة في مصر تدعى "فرتونة السوداء" فشكت في كتابها لأمير المؤمنين ( عمر بن عبد العزيز رحمه الله ) أن حائطا لها قصيرا، وانه يقتحم عليها منه فيسرق دجاجها، فكتب عمر (رضي الله عنه) بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى فرتونة السوداء مولاة ذي أصبح، بلغني كتابك، وما ذكرت من قصر حائطك، وانه يدخل عليك فيه، فيسرق دجاجك، فقد كتبت لك إلى أيوب بن شرحبيل، وكان أيوب عامله على صلاة مصر وحربها – آمره أن يبني لك ذلك، حتى يحصنه لك مما تخافين إن شاء الله والسلام ( أورده ابن الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز ونقله محمد بن مشيب القحطاني في رسالته للماجستير – كلية التربية بمكة المكرمة – وكتب عمر رضي الله عن كتابا آخر إلى أيوب ابن شرحبيل يأمر فيه أن يذهب بنفسه إلى فرتونة السوداء، ليحصن لها بيتها فذهب وحصنه لها.

وبذلك شملت رعاية عمر بن عبد العزيز ورعايته تلك الأمة المصرية ودجاجها الذي يسرق أو تأكله الحيوانات المفترسة فاهتم بها اهتماما عجيبا، وهذا يذكرنا بجده لأمه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال لو أن بغله بالعراق تعثرت لسئل عمر عنها لماذا لم تمهد لها الطريق.

وقد شملت رعاية عمر بن عبد العزيز واهتماماته ذوي العاهات، فكان يفرق الأرقاء بين كل مقعدين، وبين كل زمنين (أي مبتلين بالعاهات) غلاما يخدمهما، ولكل أعمى غلاما يقوده، كما شملت رعايته ما دون الإنسان فقد حدث أن كتب لصاحب السكك أن لا يحملوا أحدا بلجام ثقيل من هذه الرُسْتََنِيَّة (من رسن الدابة)، ولا ينخس بمقرعة في أسفلها حديدة.

كما كتب إلى حيان بمصر فقال: إنه بلغني أن بمصر إبلا نقالات يحمل على البعير منها ألف رطل فإذا أتاك كتابي هذا فلا أعرفن أنه يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل، وإذا كان هذا اهتمام عمر بن عبد العزيز رحمه الله بالحيوان إذ منع استخدام اللجم الثقيلة وحدد للجمل حمولة مقررة، فمن المؤكد أنه لبني الإنسان أرعى وأرحم وهكذا سعد الإنسان والحيوان في ظل الحضارة الإسلامية.

هذا درس لأدعياء الحرية من غير المسلمين الذين يتهمون الإسلام بالتخلف والرجعية والقسوة فهل حظيت أفراخكم وبغالكم برعايتكم كما حظيت دجاجات فرتونة السوداء وبغال العراق.

والى المرجفين في ديارنا الذين يدعون أن التاريخ الإسلامي خالي من العدالة والرعاية للمواطنين وانه تاريخ ظلم وقسوة واستبداد إلى هؤلاء المرجفين تلك القصة العجيبة الدالة على العدل ورعاية حقوق الإنسان والحيوان في الحضارة الإسلامية.

والى الذين ظلموا الإنسان ودمروا البيئة عندما تحكموا في العباد هذه الصورة المشرفة للراعي المسؤول عن رعيته.

والى الذين لم يجدوا بجهلهم في تاريخنا الإسلامي ما يشفي غليلهم ويحقق رغباتهم الدنيوية فلجأوا إلى التدمير والتخريب لتحقيق رغباتهم إلى هؤلاء الذين لا يروا للإصلاح غير طريق العنف والتدمير هذه الصورة الحضارية لفرتونة السوداء التي علمت كيف تطالب بحقوقها وتحمي ممتلكاتها بطريقة حضارية مشرفة تؤصل للثقة بين الحاكم والمحكوم.

والى الذين لا يروا غير الأساليب الغربية في الحياة منهاجا وسبيلا للإصلاح فتعاونوا مع أعداء الأمة وركبوا دباباتهم لكي يحتلوا البلاد ويقتلوا العباد ويقدسون في الأرض.

إلى هؤلاء هذا الأسلوب الحضاري العلمي من تاريخنا الذي يؤكد على أن الحلول المستوردة كالأجسام الغريبة على الجسم العربي والمسلم الذي لا مصير له إلا الرفض واللفظ والمقاومة النشطة والفعالة حتى يتخلص الجسم من هذا الأسلوب الدخيل عليه.

وإلى المرأة العربية والمسلمة والتي لم تجد لتحريرها سبيلا سوى التعري وإهمال البيوت والأطفال والتخلي عن دورها الحضاري الإسلامي لتقلد المرأة الغربية التي أصبحت جسدا يستخدم وقت نضارته في الإعلانات والفضائيات ومسابقات الجمال والرقص خلف المغنيين والمغنيات وبعد زوال نضارتها يكون مصيرها مصير المحارم الورقية بعد استخدامها إلى هذه المرأة هذا الأسلوب الحضاري العلمي من فرتوتة السوداء التي تعلمت كيف تطالب بحقوقها وحقوق ممتلكاتها بطريقة حضارية.


No comments:

Post a Comment